الجمعة، 15 يونيو 2012

أمهات فلسطيــــــــن ....

12:38 ص كتبها

الأمهات الفلسطينيات هنّ الأجمل 

تشبثوا برقعة أرض ولدوا عليها النبي صموئيل تضم في داخلها إرادة أشخاص عظيمة

12:32 ص كتبها


تشبثوا برقعة أرض ولدوا عليها
النبي صموئيل تضم في داخلها إرادة أشخاص عظيمة

سهى المسيمي

حين ينظر المواطن الأمريكي صوب شعوب العالم يتساءل لماذا يكرهوننا ؟  فيجيبه إعلامه بسبب رفاهيتنا وديمقراطيتنا  ، جهلاً يقتحم البشرية أغشى بصائرهم وقلوبهم عن حقائق وأمور الحياة ، فمن يمعن النظر بالأمر لا تخفى عليه حقيقة الازدواجية التي تسود العالم ، أناس يعيشون الديمقراطية والرفاهية في جميع مجالات حياتهم ، وأناس لا يطلبون الرفاهية فحسب بل يتوقون نحو الحصول على متطلبات العيش الكريم .
في مكان  يتربع عرشه على أعلى قمم القدس وطالما سماه البيزنطيين بجبل الدموع نظرا لحصانة وصلابة المدافعين عنه في مواجهة العدو، قرية النبي صموئيل شمال غربي القدس تبلغ مساحتها 2700دونم ،يعيشون فيها حوالي 300 نسمة محرومين من أساسيات الحياة ورفاهيتها ، فهناك طفلا يلعب في زاوية من زوايا البيت مقابل أطفال العالم يلعبون في ملاعب فاخرة ، شاب يعمر المزرعة السعيدة على الانترنت يزرع يحصد يبني القصور بدلا من أن يعمر على أرضه في الواقع فهو محروم لا يسمح له بان يزرع وأن يبني وان ...و أن ....
قرية كإحدى القرى الفلسطينية عانت وما زالت تعاني من سياسة الاحتلال الجائرة ، التي طالت حدود المنطق على أرض الواقع حين اعتبرت القرية حديقة قومية ومعلم آثار مهمة لليهود باعتبارها تحتوي على مقام النبي صموئيل ، فوضعت عليها  خطوط  حمر يمنع تجاوزها، في القرية 13 منزل  وهذه المنازل  مكونة من طابق واحد فقط كل مبنى يوجد به 3 إلى 4 عائلات وهناك بيوت مسقوفة بـ "الزينكو" خوفا من الهدم ، فالبناء والتوسع العمراني لا يسمح به ، ولا عجب أن أهل القرية احتضنوا التعليم لأبنائهم لكن بمكان صغير يتخلله الرطوبة وتشققات البنات القديم والبسيط  فالمدرسة على أرضهم عبارة عن غرفة واحدة ، تضم داخلها  أربعة صفوف فكل جهة من المقاعد يعتبر صف ( صف أول ، صف ثاني ، صف ثالث ، صف رابع ) والبقية موزعون في مناطق المحافظة .
لحظة دخولك إلى النبي صموئيل تختنق أنفاسك بين صفعات الحزن والأمل ، تقف لحظات وجيزة تنتظر بوابة حديدية كي تسمح لك بالدخول ، وبعد الدخول تسترق النظر نحو أعلى مكان في القرية " القلعة " التي يعتبرها سكان القرية مسجد ، فسرعان ما يجول في نفسك روحانية ما يقوم به أهالي هذا المكان الأسير، لكن ينكمش هذا الأمل حين تعلم أن الاحتلال سيطر على أغلبها ، فالمسجد يحتوي على طابقين وتسوية ، فأما الأخيرة صادرها الاحتلال، والطابق الأول وضع الاحتلال يده على نصف مساحته وحولها إلى كنيس وما تبقى للفلسطينيين مسجد يجمع النساء والرجال ،ويبقى  الطابق الثاني  فهو يتبع للأوقاف ولكن يمنع استخدامه أو الصلاة فيه ولا يمكن الدخول اليه أو زيارته، بالإضافة لغرف تتبع المسجد ولكن يمنع على وزارة الأوقاف استخدامها، وحين تكمل المسير في شوارع القرية ، قد تشعر ببعض القلق والخوف حين تضع أقدامك على شوارع غير " معبدة " تمشي بخطوات مرتجفة خوفا من السقوط فالشوارع يمنع تعبيدها ، وما ينطبق من ممنوعات فهو يشمل أيضاً الزراعة فيمنع زراعة أية شجرة أو نبتة.
أية حياة تطلق على مكان كهذا ، فسبل الحياة معدومة والمأساة آخذة بالازدياد ، فكيف لمكان يجمع عدد من البشر لا يوجد به عيادة طبية ! و أطفال يكبرون في مكان يخلو من لغة الطفولة ، لا يوجد ملجأ لهم كي يحتضن صرخات وضحكات الطفولة ، ومن حقهم العيش في بيئة نظيفة خالية من الروائح الكريهة ، فمنع سكان القرية من بناء حفر امتصاص وعدم السماح لسيارة الصرف الصحي من الدخول حتماً سيؤثر عليهم سلباً وصحياً ، ومن أعظم ما يعتري أهل القرية من مشاكل هي مشكلة الحصول على اسطوانة غاز ، فمن حسن حظه من يحصل على اسطوانة غاز  في نفس اليوم فإجراءات التنسيق لذلك تمتد لأكثر من يوم ،وتكمن عظمة المصيبة حال إذا كان أحدهم بحاجة الغاز يوم الخميس ، فهو مضطر للدخول في حرب انتظار طويلة ليوم الأحد كي يجاب مطلبهم .
مكان كهذا يجمع معاناة الإنسان في تحدي المستحيل للعيش بحرية وكرامة ، يجمع الكثير من المعاني ، النبي صموئيل تضم في داخلها ارداة أشخاص عظيمة ، تشبثوا برقعة أرض ولدوا عليها ، أما ما يقوم به الاحتلال ليس إلا سياسة طرد ممنهجة تخدم ما يطمح بالحصول عليه ، وهو إفراغ الأرض من السكان وإحلال أكبر عدد ممكن من المستوطنين ،حرية الحياة حق سماوي لا يجوز التلاعب والتحكم به ، وما تقوم به إسرائيل كعادته يخالف القيم الإنسانية ، لكن يبقى الأمل سيد الموقف ، والصمود في المكان حتى آخر لحظة ، أشخاص كسكان هذه القرية عرفوا معنى الحياة لكن بلغتهم الخاصة " بأن الحياة هي الوطن ، وسبل الحياة ستتحقق في يوم ما " .