الثلاثاء، 7 فبراير 2012

شكرية وأشجارها وكرة القدم في النبي صموئيل

10:36 م كتبها

مدونة بقلم : نضال أبو عليا      
في زمن يرقص العالم به طربا من الحرية المطلقة ,وتفتخر الدول بناطحات سحابها  ويحتار سكانها أين سيقضون إجازة الصيف القادم !!! ويحلم بعضهم بزيارة مكوكية للقمر أو المريخ بعد ان جالوا الكرة الأرضية من مشرقها لمغربها
هناك قرية صغيرة يحاصرها الظلم من كل مكان ,ويمنع سكانها من اضافة  "طوبة واحدة... " على منازلهم  وبعضا من أحلام قاطنيها الدخول والخروج من القرية بدون حواجز اسرائيلية والسفر لأراضيهم يوميا بدون أن يصيبهم هاجسا ألا يروا إرث اجدادهم من أراضي القرية "مصادرة" .

يحمل أطفال قرية النبي صموئيل حقائبهم المدرسية متوجهين لغرفة واحدة على حدود البلدة منحها العالم لهم كمدرسة ليتلقوا فيها دروسا عن الوطن وعن مصطلحات الحرية ومعانيها وليرسموا البحر باللون الأزرق وليقول لهم المعلم أن أمامهم مستقبلا رائع ولا بد لأحلامهم ان تتحقق يوما,ويعودوا لبيوتهم بعد انتهاء يومهم الدراسي مثقلين بمعلومات جديدة.
وبكرة نصف مهترئة يقررون تسجيل أهداف قد تتجاوز قواعد اللعبة بكثير, فأهدافهم أسمى من كرة وشارع القرية الضيق أوسع بنظرهم من ملاعب المدارس الأوروبية التي لا يعرفون عنها سوى من شاشات التلفاز في بيوتهم اذا وجدت.
عمرو بركات بسنواته الست  يحلم بأن يصبح لاعبا عالميا مشهورا وهو المالك للكرة الوحيدة في القرية والتي يجتمع عليها زملاء الدراسة يوميا كما يحلم بأن تعيش قريته بسلام ولا يرى جنديا إسرائيليا  واحدا ينغص على أبيه عند دخوله وخروجه من القرية.
النبي صموئيل قرية مقدسية فلسطينية تحتضن بين أزقتها  "صمود شعب ويسمع كل من يدخلها وهم قلائل لرفض اسرائيل السماح لأحد بزيارتها إلا بعد معاناة طويلة ورزم من التصاريح المرفوضة  سابقا, يسمع تأوه القرية نتيجة محاولة الاحتلال بجنوده ومستوطنيه العبث بعروبتها, للقرية مسجد صغير رأى المستوطنين أنه كبيـرعلى أهالي النبي صموئيل فسلبوا نصفه ,وعلقوا نجمة داوود على سطح نصفه المسلوب ليصبح كنيسا يهوديا .
أما أراضي القرية التي تتناقص تدرجيا وفقا لسياسات المصادرة الاسرائيلية المتعددة ما زالت تحتضن أشجار الزيتون وتحفظ أسماء ملاكها كما تحفظ ترابها من المطر والحاجة شكرية الثمانينية العمر لديها قطعة من تلك الأراضي وهي احدى نساء القرية اللواتي يواصلن الزراعة والحراثة ,وتربية الاشجار لديهن تماما كتربية الأطفال,  شكرية تصر على الخروج لارضها  في صباح كل يوم كإصرارها على  لبس ثوبها الفلسطيني المطرز بألوان الوطن الأخضر ,ولها مع الأرض موعد في كل موسم تقطف مع حبات الزيتون فرحة الصمود وعرق الكفاح والمثابرة .
الطفل عمرو والحاجة شكرية اثنين من 200 نسمة يعشيون داخل الجدار وتحت ظلم الاحتلال وفي جعبتهم أعداد هائلة من الحكايات والهموم عن النبي صموئيل ,وذكريات مع جرائم الإحتلال اليومية بحقهم , وحدود العالم بالنسبة لهم هي حدود القرية وكل البشر الذين يقطنون تحت السماء هم أهالي القرية والجنود الاسرائيلين والمستوطنين كما يعتقد محمد ذو الخمسة أعوام  صديق عمرو وزميله في فريق الكرة .

1 التعليقات:

  1. عَجزَت لُغَتِي عَنْ مجآراة أسلوبِك الرآئِع ... حَرفُك حَقّاً يسلِبُ العقول ويلامِسُ الروح

    دُمت بألف خير صديــــقي ..


    D

    ردحذف